قد يؤلم الغياب كثيرأ وقد يجعلك تمضي وقتا وحيدا تفكر لماذا يحدث لي هذا، ولماذا القدر يختار أن يحيدني عن التمازج مع الشركاء في أوقات أكثر ما نحتاجهم يكون في هذا اليوم، تجاهد نفسك ألا تنقم أو تفكر بالكره، وتؤمن يقينا أن ما حدث هو لمصلحة أكبر ومعاني تحتاج أن تتأملها وتتبصر لها، وقد غُيبت عن ذهنك بسبب لُجة ما أنت فيه من ضغوط.
الغياب هو أكثر الأشياء الايجابية التي تحدث ، تجعلنا نتعرف تماما لتكويننا وقدرتنا على التخاطر الروحي سواء مع الأصدقاءـ العائلة أو الحبيب، هو وحده الغياب الذي يُمكنك أن تعرف قيمة التكوين العاطفي الذي يجمعك مع الآخر، فعندما تجد قدرة على التواصل بنفس النسق والشغف مع صديق، سيعد سنته الخامسة من الغياب دون أي تواصل فيزيائي، يمنحك الثقة أن علاقتك به لم تكن ترتبط بالمشاركة اليومية للأحداث، بل ما تراكم من عاطفة تفوق الحدود والحواجز، وتدرك أن ما يجمعكما يفوق مفاهيم المتداولة عن التواصل اليومي أو الممنهج على وتيرة دورية.
أما الحبيب، وحده الغياب الذي يصيغ مفاهيم الشوق، ويكتب لها دواووين وحده القلب من يستطيع أن يقرأها/، ويستطيع أن يمنحك الصبر الذي يتدفق في داخلك ويبني منك جسدا لا يقهر، ويسمح لك أن تشعر بذاتك أكثر وحريتك ويمنحك ميلادا خالصا لروح تجتاز كل المسافات لتعانق فكرة ما أو جملة تحتاج أن تقولها.
الغياب يجعلك لا تفكر بنفسك أولا ، بل يوسع حدودك ليتسع صدرك مساحة بحار ومحيطات لم تكن لتعرف يوما أنك قد ترتقي بنفسك لها أو أن تتنازل عن غطرستك وتعرف أن الأشخاص لا يتملكون ولا يرتبطون بك وحدك بل هم أناس يشاركونك أوقاتهم بعطية ومكرمة، كما والديك الذين .يعطيانك ما يستطيعان ويفعلان كذلك مع أخيك وأخوتك وما حولكما..