هل مت؟

هل مت؟

هذا هو هاجسك لليوم التاسع، لم تعد تفكر بالحياة، تفكر بشيء واحد الموت، تمشي في أروقة المنزل تحاول أن تنظر إلى من يسكن معك، هل فكرت بهم أو أنك لم تفعل؟

هناك صغار وكبار، نساء ورجال، وأمك التي تبكي بصمت كلما تسمع صراخ أحفادها من الطابق العلوي وهم يختبئون في حضن والدتهم ووالدهم.

في نهاية اليوم الثامن، قد تصفحت عبر المواقع الالكترونية شيئا عابرا عن التهدئة، بل وسمعت عن بعض التحرك الدولي، لكن لم يسترعي انتباهك أي شيء، وبنهاية اليوم التاسع، لم يكن في جعبتك ما تفكر فيه، لقد عجزت كليا عن التفكير، أو حتى التفاعل مع أي كائن حي خلق على وجه الأرض.

تجن ، عندما تقرأ أن الشهداء وصل عددهم لى ما يزيد عن 194 شهيد والجرحي  ما يقارب 1490،… يدوي صوت صراخك في رأسك وأنت تقول: هذا الجنون بعينه؟

إنهم يتاجرون بموتنا وخوفنا، تسمع أصوات القصف التي تتزايد، وأصوات الصراخ التي تكتم داخل النفوس، لكنك لا تسمع صوت نفسك، لا تسمع  حتى صوت أنفاسك…..وعيناك غير قادرة على التقاط أي صورة ، لا شيء إلا السواد…وتسأل نفسك: هل مت ؟

لا شك هذه هلوسة، كيف أكون قد مت، لا زلت أفكر إذا أنا لم أمت، نعم لقد ركلته وانتصرت عليه، هو لم يعانقني ولم يأخذني إلى السماء، أنا هنا أنا على هذه الأرض.

إنك تهذي، تهلوث…حرارتك مرتفعة، جسدك يرتعش، والدتك فوق رأسك، تتلو آيات من القرآن، يهتز السرير تحتك، وترتفع معه باتجاه السماء بعض  من السنتيمترات.

وتسأل والدتك أي يوم نحن”؟، تنزل رأسها إلى الأسفل يبدو هي الأخرى نسيت التاريخ واليوم.

لكنك لم تكن تسألها عن هذا، كنت تريد أن تعرف أي يوم من أيام العدوان، هل تجاوزت اليوم التاسع دون أن يحصدك الموت، أم أنك مازلت في الزمن القياسي لهذا اليوم.

تمسك والدتك يدك، وتتنهد بألم وهي تدعو لك بالسلامة.

تنظر إليها ولأول مرة منذ تسعة أيام، هي وحدها من تفكر في الحياة، دون أن تعرف أنه حق.

تقبلك على رأسك، منتظرا أن ترى النور بقلبك من خلال عيونها.