لو أننا في غزة

غرة تحتفل اليوم بعيد يشوبه قلق كبير من تزايد أعداد المحجورين، لكن هذا لم يمنع مواطنيها من الذهاب إلى الأسواق وخبز الكعك والتغريد تهليلا للعيد. أهل غزة المطحونين بالقهر والعوز للانطلاق ينتشون بطريقتهم، يجدون منفسا لكل أوجاعهم ويحررون مخاوفهم مع تكبيرات المساجد ودعوات الأمهات.

يعلمون أولا يعلمون لكنهم يتجاهلون الواقع، يعيشون اليوم لأن الغد قد يكون أكثر ألما من اليوم، أي وجع أكبر فجعا من حجر اثني مليوني إنسان في مساحة تتسع لثلثهم. الحياة في غزة مضحكة مبكية، كنا فيها نلعنها ونسب حظوظنا في مدينة تدفن قلوبنا في أقفاص بلا أقفال. هاجرناها ونبكي الشوق لأنفاس أهالينا ورائحة الدفء الذي كان يصد عنا ذات القهر المعجونين به.

أجلس في أقصى الغرب بأكثر الدول برودة، أندب الشوق لاشتمام رائحة السمسم المحمص في أفران جيراننا وهو يتحمر مع حبات الكعك. أحاول اختلاق حالة مشابهة والتكرار على مسامعي أطفالي إنه العيد. أردد معهم أغانيه ونخبـز معا الأقراص المعجونة بالتمر، نكبر ونهاتف الأحباب.

ينتهي العيد بهذا، ونبقى في منازلنا محجورين غربة لا خوفا من مرض يزحف في اتجاه غزة، نفكر بها. ونقول لو أننا في غزة هل كنا سنكون مواطنين صالحين ونلتزم بيوتنا وقاية، أو سنركب الركب وننزل نصلي، نكبر ، نهلل بقدوم العيد؟

لا أملك الجزم بقوامة فكري، لكننا لو في غزة سأشتري لأطفالي أجمل الثياب وأزينهم بالحب ليحتضنون جداتهم وأجدادهم طمعا في العيدية، كنا سنملأ مضيفة الشوكولاتة بأجود ما يمكن لنا، نمنع أطفالنا عنه حينا ونسمح لهم حينا آخر. لو كنا في غزة كنا سنجد فرحا بين كل هذا الخراب الذي يهتك بأهلها ونبتسم. سنستقبل الزوار يوما ويوما آخر. لو أننا في غزة سنستشعر الحياة ولو لمرة، فالعيد من يحي المدينة من سكرة الموت الغارقة فيه.

Unknown's avatar

About Najlaa

An architect-engineer and writer who cares about details and try to reflect them in my writing I am writing about daily life, love, people and cities, in particular, my home town Gaza.
This entry was posted in allover. Bookmark the permalink.

Leave a comment

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.