لماذا لا أكتب ؟؟

مضى وقت لا بأس به مذ آخر مرة كتبت فقرة، فكرة أو رأيا عابرا على بياضات الشاشات الالكترونية. مضى وقت على آخر مرة اعتزمت النهوض من ثبات الكلمات والعبث قليلا بما أملك. مضى وقت منذ آخر مرة انتصرت على ضعفي، تخطيت الحواجز وقلت أنا أستطيع. لم أفقد الرغبة أو الإرادة لكن بعض من الخوف استل ما بقي لي. الرهبة من الخطأ أصبحت أكبر من قوة الإيمان. الخبرة في جلد الذات أكثر شراسة من المحاولات التي تبوأ بالفشل.

أعرف يقينا في جوف بئر الجسد الغارق في الحياة يكمن قصص كثيرة، حكايا تريد الخروج والتحرر مني. أعرف من جهة أخرى أن الرغبة لا تصنع حرفة ولا تخط قصة يشكك في بلاغتها وفصاحتها. قبول فكرة الهزيمة أمر ينافي طبيعتي ، الوقت الراهن يلزمني بالاعتراف بهزيمتي.

الكتابة فعل شاق ، يريد من صاحبه الموهبة والقدرة على الصقل، يستلزم بذل مجهود كبير في القراءة، الاطلاع والتجربة. لأنني أعرف عظم هذا الفعل توقفت عن وسم نفسي بالكاتبة، توقفت عن الكتابة. أصبحت فقط أحاول مرارا وتكرار. مصادفة قد تنجح إحدى المحاولات، لكن هذا لا يعني أنها انعكاس لحرفية عالية، هو مجرد حظ ليس أكثر.

أذكر مرة أن صبية جميلة درست رواية لليافعين كتبتها في مطلع العشرين مما مضى من عمري. كنت أسمع مدهوشة، لا أذكر جيدا ما قالت ولكن أذكر أن قلبي كان بين رجلي يرتجف، ووجهي كان أحمرا فهي باختصار كان أجدر القول ( رواية فاشلة)، في ذات اللقاء. قرأت مقتطفات من قصص قصيرة جدا ، وأجزل الحاضرين بحسن إلقائي. ثم بادرت هذه الفاتنة قائلة ( أعتذر، ظننت ان الرواية هي ما تملكين من رصيد. ابتسمت لها بكل حب قائلة – لا عليك ، قد أبدعت فيما ملكت بين يديك.

لم أتضايق أبدا، كلما كبرت كلما أصبحت أكثر تصالحا مع فكرة الفشل. يزيد على هذا أنني لم أعد أقاتل لأكون كاتبة. قبل عشر أعوام لم يكن يمضي يوم لا أكتب فيه أو أقرأ. كذبة، أو وهم دفنت رأسي فيه لأعوام. اليوم لم أعد أهتم بما يمكن أن أكونه بقدر اهتمامي أن أبقى إنسانة.

إنسانة لا تفقد روحها، وعيها وصحتها العقلية. أأمل ألا أضيع في العالم الافتراضي، وأجتهد أن أحفظ ماء وجهي في أي كلمة قد أتركها خلفي. أسعى أن أعيش ما بقي من الحياة في سلام لا يؤرقه أصوات الهاربين من الظلم. أدعو أن يثبت قلبي كلما سمعت قصة مهاجر، لاجئة وكل الناجين من اللإنسانين.

أصلي ألا أفقد الجلد وأنا أنتظر العبور إلى بيتي مرة أخرى، أتضرع أن يحدثني أطفالي باللغة التي أحبها، أتجهد أن أجدني حية القلب بعد عبور ما بقي لي من سنين، وأبكي أن أكتب مرة أخرى قصة يقال فيها، لله در العابرين في الحياة أحياء القلوب.

Unknown's avatar

About Najlaa

An architect-engineer and writer who cares about details and try to reflect them in my writing I am writing about daily life, love, people and cities, in particular, my home town Gaza.
This entry was posted in allover. Bookmark the permalink.

Leave a comment

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.