عام 2005 , تخرجت من الثانوية العامة بمعدل يؤهلني لدخول أي كلية أرغب، القانون والأدب كان لهما النصيب الأكبر من الرغبة . لأنني لم أكن مقتنعة بدراسة هذه التخصصات في الجامعات الغزية . اتجهت الرغبة للهندسة. السنة الأولى لم تختلف كثيرا عن الدارسة الثانوية . وحاولت ان ابحث عن جديد ولكني لم أجد.
العام الدراسي الثاني والاول في الكلية بدأت الدهشة، حظيت بفرصة لأستطعم جمال اختيار العمارة كتخصص، أصابني الشغف لأكتشف أكثر. وأتذكر كثيرا من تفاصيل هذا العام. واكتملت الدهشة بالسفر خارجا لاختبار الخيال…
السنة الثالثة اختلت هذه الدهشة، واصبحت عبئا كبيرا. الصدمة بين المعلومات النظرية غير التطبيقية. لم أكن مقتنعة كثيرا بكم المعلومات التي تصدر لي دون تجارب حية وقصص تفيض بالحياة. كنت دوما في مرحلة بحث كاملة. كنت من الحظ بما يكفي أن يجمعني القدر بشخص قدير اجابني عن كثير من الأسئلة، وأخذ بيدي لأكمل الخمس سنوات .
اليوم حظيت بفرصة لم أكن حتى لأتخيلها ، فرصة أتتني بعد عقد من التخرج من تخصص العمارة. أعمل مع طاقم لديه من الشغف ما كنت ابحث عنه. المعماري الذي نعمل لحسابه شخص قدير، متواضع وقد صمم مئات من المشاريع . وهو من التواضع ما يجعله عند مخاطبتنا بدأ حديثه ( سيكون من اللطيف منك ان تساعدني في هذه المهمة). اضافة انه دوما ما يثني على ما تقوم به مهما كان صغيرا. يبتسم للحياة ومتفائل مما يجعلك دوما ترغب في العمل معه ولديه.وزملاء لا يتململون من افادتك ومشاركتك كل ما يعرفون لتتعلم ، وتشعر انك جزء من الكل .
خلال خمس سنوات من الدراسة الجامعية، كنت انتظر مرة من محاضر ان يعرض مشروعا قام بتصميمه، ان يفتح جبهة النقاش حول ما كان يجب ان يكون وما كان يجب الا يكون. انتظرت ان يسألنا احد، و يشجعنا ان نبدي أرآنا بانفتاح،ان نسرح في خيالاتنا الى اللاحدود، ان نتعلم ان البناء حياة تؤثر على عقلية قاطنيها، ان المبنى حي بمن فيه وميت اذا ما كان هجر. الفراغات المعمارية ، ليست مجرد خطوط وحوائط، هي مساحات لممارسة أنشطة، إذا ما اختلت اثرت على كيفية هذه الأنشطة.
بعد عشر سنوات اختبرت الشغف والحلم من جديد،إن الإحياء عملية شاقة تطلب مني الكثير من الجهد والتركيز ولا أنكر المقاومة، لكنني كل يوم أشعر بانتصار أكبر من سابقه لأنني أتمكلني من جديد وأشعر أنني. لست أبكي على عشر سنوات مضت بل صار في جعبتي ما يحفزني أن أكمل بحثا ابتدأته عن علاقة البناء بالسلوك الانساني. اليوم أن تلميذة، أعيد اكتشاف لعمارة بعقلية أكثر نضوجا مصحوبه بدعم يخلو من درجة ترصد بنهاية الفصل الدراسي،وانما رسومات ستعيش بها حيوات تمد لسنوات.
التجربة التعليمية التي عشتها في غزة لا شك لها من الجانب ما يستحق الاشاده به، ومن جانب آخر نواحي تحتاج إلى إعادة النظر فيها، لتخريج أجيال تحي بالعلم لتحي به من بعدها.